السبت، 25 أغسطس 2012

ذكريات سنة رابعة I كلية الطب I جامعة الدمام 1433ه






-         اليوم الأخير -


[ مشكلتي ليست في النسيان، مشكلتي في كثرة الذكريات ] غازي

-١-
ينتهي هذا اليوم  الدراسي الاخير من سنة رابعة بكلية الطب ليكون السطر الاخير من
ذكريات هذه السنة ، لم يدر في خلدي يوما
قبل دخولي الجامعة وخلال مكثي فيها ثلاث سنوات ،،

ان أفاجأ بعام دراسي يمتد لسنة ونصف 
تتخلله مرحلة انتقالية الى ردهات المستشفيات
وسِعةٍ في الوقت للأنشطة اللاصفية
لينتهي بأخف عبء يمكن تخيله جَرّاء 
ما قاسينا من نهايات اعوام سابقة ،،

- الان فهمت اشياء كثيرة عجزت عن تفسيرها
عندما كنّا نسمعها ممن سبقنا ممن التحق بالمرحلة السريرية من كلية الطب 
كانو يتحدثون عن مشاعرهم ومواقفهم 
و تجاربهم بشقيها الناجحة و الفاشلة
كانوا كأنهم يصفون غابة معقدة لإنسان عاش مدة من الزمن في قرية صغيرة ربما لم تمر على ذاكرته سوى في كتب المدرسة ،،

كن على استعداد
وخذ جميع الأدوات اللازمة للقراءة و التركيز
فسوف نسير في الذكريات بسرعة كبيرة
ولن نستعمل المصاعد الكهربائية ا- بل سنستعمل الدرج الذي يقع في وسط بهو
مستشفى الملك فهد الجامعي صعودا ونزولا 
و اصارحك انك ستشعر بضيق في النفس
جراء صعودك و نزولك تماماً كما كنت
انا أعاني من تلك التمارين الصباحية 
الشاقة التي نسيناها ايام الكلية 
فإذا بنا نُفاجأ بنوع اخر من التمارين 
الشاقة ...

ياه ! ربما كانوا يقصدون 
بالمرحلة السريرية لكثرة السـير في المستشفى صدقوني كنا نسير ونسير ونسير
نبحث عن كل شيء عن الدكتور عن المريض 
وكنت -انا- ابحث عن سرير ارتاح فيه بعد 
تلك الأشواط المليونية .. حسنا الى المذكرات -



-         البداية -


( يقول احمد شوقي الحياة الحب و الحب الحياة ،، وانا اقول كلا بل الحياة الذكريات 
والذكريات الحياة ) علي الطنطاوي.

تستحثني المواقف و تسعفني الذاكرة ان
أتحدث عن الفصل الاول من السنة الرابعة 
والحقيقة ،، انه لا يقارن أبدا أبدا بالفصل الثاني ولذا فأنا اعتبر ان الفصل الثاني 
هو السنة الرابعة ،،

اما الفصل الاول فهو فصل زائد من المرحلة قبل سريرية لا اصنفه ضمن سنوات الطب
ابرز ما جاء فيه 
( رحلة عريعرة + مدينة الألعاب ! )

اول ارهاصات المرحلة السريرية انك
نبدأها بعام دراسي يمتد لعام ونصف !!
(هذا لمن أخذ مادة الأدوية بعد سنة ثالثة
تلك السنة الــجنونيـحمرائية! .. لمعرفة
الكلمة السابقة يمكنك الرجوع لمذكرات
سنة ثالثة لتعرف السبب)

-أن تصحو متأخرا-

في ايام الشتاء الباردة - نهاية عام ١٤٣٢ هـ وبعد نوم عميييق تفاجئت بمنبه جوالي يرن
لكن شيئا في غرفتي لم اعهده من قبل 
كنت متأكدا عندما غفوت بعد الفجر ان الجو 
خارج النافذة ما زال يميل الى السواد 

ولكني هذا الصباح ارى أشعة الشمس
تستقبلني ولم تجرأ عيناي مقاومة أشعتها 
الساطعة ،،
-  اذكر هنا ان الريح و الشمس كان بينهما
تحدي ايهما يستطيع ان يجعل ذلك الانسان 
يخضع لقوتهما و ينزع معطفه احتراما لهما
فبدأت الريح و اشتدت فتشبث الانسان بمعطفه و لكن الشمس باشعتها  
اجبرات الانسان ان يخلع معطفه نتيجة شعوره بالدفء - أعود لما بدأت به..

.. كان هذا اليوم -الذي صحوت فيه متأخرا -
حتى طلعت أشعة شمسه الحارقة ..
هو اليوم المقرر للسفر الى قرية عريعرة على
خط الرياض ضمن مقرر طب الاسرة والمجتمع ، وأظن والله اعلم ان جميع ما كان
يُتلى علينا ساعة بعد ساعة من هذه المادة
طيلة السنوات الثلاث وجدناه أمامنا عمليا
ولئن كنت - وفي الحقيقة لا أزال - أعدّ هذه
المادة من الأسوأ في طريقة التدريس و عرض 
المقرر و توزيع الدرجات الا ان أسبوعي البرنامج الحقلي حاول كثيرا في الاعتذار 
عن اخطاء و مصائب هذا القسم
 ( الا ما رحم ربي)

أعود مرة ثانية - وارجو
 ان لا أعود مرة ثالثة - الى ما بدأت به ..

أدركت بعد دقائق أني تأخرت في نومي وانا عقارب ساعتي مشيرة الى التاسعة صباحا 
وكان من المفترض ان اكون في مواقف 
سكن المستشفى التعليمي عند السابعة صباحا ، ولكن قدر الله و ما شاء فعل

استأذنت من المشرف على البرنامج الدكتور 
شاهر الشهري ان الحق بهم فوافق مباشرة 
دون ان يخوض في تحقيقات كما يفعل بعض
الناس 

لم يبق في الذاكرة من تلك الليالي التي 
قضيناها الا صور و خواطر كأني أراها امام
عيني ،، 
حياة القرى .. مراكز القرى الطبية المتواضعة
تعامل اعضاء القسم مع بعضهم البعض!
( نقاشاتهم وحشية !!  اختلفوا على/في كل شيء وادركت بعدها انهم لن يستطيعوا
ان تقديم  أفكرة عن تخصص الاسرة وهم 
مختلفون على بعضهم .. قسم غير متجانس 
الا ما رحم ربي ،، )


-أحاسنكم أخلاقا -

تبدت لي اليوم صورا مقلوبة او قل معكوسة!
كنت ارى الاستاذ الموسوعي في تخصصه
فاقف احتراما لعلمه وسنه ولكني أصدم بأخلاقه واقف حائرا ما الذي أراه أمامي ؟!
لن اجيب احتراما للقارئ ،،
ان في كبدي لوعة و في حلقي غصة 
مما رايت و عايشت من اصحاب الخلق الشيء ولقد رايت منهم كما قلت اطباء واكاديميون وزملاء نابهون فعدت الى نفسي
وقلت : ايهما اولى حسن الخلق مع ذكاء وعلم متوسط ام سوء خلق مع ذكاء متوقد ؟ 
- الأخلاق الأخلاق!! يا أمة الأخلاق-



في المكان المناسب!

هل عجزنا ان نطبق المقولة
( الرجل المناسب .. في المكان المناسب!! )
أشياء كثيرة تلك التي اعتدت ان أضعها في مكانها المناسب ،، الكتاب هنا و الأقلام هناك
حقيبتي في أعلى الرف ،، أدواتي الطبيه
في الدرج الأول ،، أوراق الطابعة لها درجها الخاص (:
كثيرا ما يساورنا شعور بالراحة النفسيه 
حين ننظر لذلك المنظر وبالتأكيد فإن الرابط 
بين تلك الأشياء هو وضعها في مكانها المناسب،،، ولكن شيئا آخر مهم يجب -ايضا- وضعه في المكان المناسب ،،
فهل سئلت نفسك عن المكان المناسب التي تكون
(أنت) فيه ؟!
معرفة مكانك المناسب لك تعني معرفة عوامل نجاحك من فشلك والأمر ليس بتلك السهوله
فمكانك كقائد مجموعة دراسيه تختلف عن مكانك في مجموعة غير دراسيه 
صدقني كم هي المشاريع التي قدمت لنا 
بشكل قبيح او ماتت في بدايتها بسب 
أشخاص وجدوا في مكان غير مناسب
والعكس صحيح .. كم من مشروع او جهة
شارك في نجاحها أشخاص اتخذوا المكان 
المناسب لهم فأبدعوا - لا يمر في ذهني الان سوى مثالين أظن انهما يستحقان مني 
التقدير والإحترام (د.أحمد السني عميد شؤون الطلاب-د. بسام البسام منسق دفعة٢٠٩) اما عن أمثلة الصنف الأول 
فأفضل ان نستر على أصحابها وأرجو الله
ان لا اكون واحدا منهم وأن تكون تلك المهمات
التي وُضعت لها مسئولا او مديرا مهمات ناجحة .. آمين ،،
هي نصيحة محب ،، ابحث عن مكانك المناسب
ولا تعتقد أنه. سيكون مكانا واحدا فقط لت بتغير ولا يتبدل بل إن مكانك المناسب هذا اليوم ربما يكون غير مناسب غداً وهكذا،،
تُصَدقون
حتى الصفر (٠) يكون ذو قيمة لا يستهان بها
فقط حينما يكون في مكانه الصحيح ~~


- خمس محطات -( الجزء١)

لا جديد فالأمور اليوم تسير بالشكل المعتاد
تنام متأخرا .. تستيقظ مبكرا .. تتثاءب مرة تلو أخرى .. تتبادل النظر الى بعض الاوراق المتناثرة حول المكتب والى ساعة معصمك حتى تحدد وقت الخروج من المنزل ... انها ايام الاختبارات ،  لكن صباح هذل اليوم الاحد ( ٢٤ من صفر ) مختلف تماما
فشمس هذا الصباح تشرق علي 
وانا انتظر الاختبار الاخير في مرحلة ما قبل السريرية بكلية الطب ، بعد ٣ سنوات ونصف 
بين جنبات الكلية و معاملها ، لم تكن درجة الحرارة كعادتها طوال العام ، اليوم كانت عند ال ١٢ درجة مئوية ( اعتمادا على مقياس الحرارة في سيارتي الزرقاء الصغيرة ) !

لم اعد أأبه بتلك الطقوس الصباحية من حساب الوقت وغيرها 
أخذت كتابي و انطلقت الى الجامعة ..

كل الاشياء هنا تتحدث بصمت سوى الصدى المزعج الذي تحدثه اقدامي ....
نظرت حولي
نظرت جنوبا نظرت شمالا ولا فائدة
فصوت الهدوء هنا له نغمة واحـــدة !

لحظة لحظة 

(( جاء الدكتور و سانتظر دوري بعد ساعتين وأعود لكم ..!! ))



- تجاوز الـ ٩٠ دقيقة

مادة اتخذوا من الحروف الآتية  ( BCS) اختصارا لها
وأنا أقترح لها اسم (UT)  
Unknown time 
يأتي في كل محاضرة متخصص او متبحر
في ذات العلم ويبدأ بتلاوة سيرته الذاتيه او سيرة العلم المختص به ويمضي يسير ويسير 
ونحن نلتقط كلمة ونهمل كلمتين ،،

كنت في أحد المحاضرات - بجسدي- وأظن أن عقلي كان معي بضع دقائق يذهب ويعود
حسب المزاج ،،
وأتفاجأ أن كل دقيقتين يخرج طالب من القاعة
فعزمت على الخروج ومن عادتي أني أتجمل ولا أخرج الا اذا دعت الصرورة وجاوز المحاضر الخط الأحمر ولم يكن لدى محاضري    هذه المادة خطوطا حمراء !!
بل يأتي أحدهم ويقول ( كل شيء عن شيء) فنجملت وقلت الان ينتهي فمرت ربع ساعه قلت الان يخرج فجلس مثلها ونبرة صوته واحده حتى اذا بدأت القاعة تتملل وخرج زملائي لم أحتمل وخرجت بعد ان تجاوز صاحبنا الخط الأحمر ،،

وكنّا اذا أراد أحد منّا الهروب من القاعة انكرنا عليه ذلك ويكون شغلنا الشاغل أن نقنعه
بالجلوس في القاعة ولا تظنون أننا في كل مرة يكون هدفنا الإستفادة من المحاضر او من جهاز الراديو (دكاترة الBCS ) بل - وهذه الصراحة- نقنعه بالجلوس لأجل مصلحة نريدها .. إمّا ان ننتهي من حديث بدأناه قبل المحاضرة او انه يتبرع لنا بتحويل جهازه الى
Wi-fi  
وقد استحق أخونا فهد الجاسر الوسام الذهبي في ذلك وكان اذا دخل وألقى السلام
قلنا له وعليكم السلام ،، واي فاي لاهنت !!


- خمس محطات (الجزء٢)

وأخيراً انتهى الفصل الاول ،، بعد أن خرجت
من الاختبار العملي للمهارات السريرية ( الفحص - خياطة الجروح - الإنعاش القلبي الرئوي ) الخ 
وكان الدكتور الذي حدثتكم عنه هو المسئول الأول عن هذا الكورس ،، ومن طريف ما حصل في هذا الاختبار هو أن في كل جزء من أجزائه أقع في موقف لا أُحسد عليه
المحطة الأولى ( فحص للإستسقاء = تجمع السوائل في منطقة البطن والحوض
أمامي احد العمال الذي سأطبق عليه الفحص 
وبجانبي الدكتور الذي بيده ورقة التقييم 
بدأت بالفحص وعندما انتهيت خرج الدكتور من الغرفة وجلست وحدي مع هذا العامل 
وقلت لأسئله هل ما قمت به من الفحص كان صحيحا كما فعله من سبقني من الزملاء من باب الإطمئنان ( صديق أنا يسوي كويس يعني سم سم نفر يجي قبل أنا !؟؟ ولا ما في سم سيم ؟)  
فهزّ رأسه لاهو يعني صحة أو خطأ ما أقول 
( تعرفون الهنود عندما يهزون رؤسهم تمايلاً والغالب أنهم يقصدون التسليك فلعل صاحبي غفر الله له سلّك لي ) قلت الحمدلله ورنت الساعة الخراشة معلنة الإنتقال الى محطة أخرى (خياطة الجروح) وهذه من أتفه و أكثر ما تعلمناه طيلة الكورس وسوف تأتيكم لا محالة ،، لكن مالجديد !! كل ما كنت تعتقد أنه تافه طيلة أيام الدراسة أرجوك ربما يخونك وقت الجد كما خانني نوع الملقط الذي استعملته في خياطة الدمى التي أمامي 
أمسكت بالإبرة بيدي اليمين وكان يجب علي ان أعقد عقدة أبدأها من طرف الخيط ولكن هيهات كلما مسكت طرف الخيط بالملقط 
إنسل الخيط الى الأسفل ،، يالله ليس هذا وقت ملاحقتك أيها الخيط !! 
والله لقد عزمت أكمل العقدة بيدي بدلا من الملقط اللعين!! ولكن تذكرت أني في اختبار ومن رحمة الله علي أن المختبر الذي أمامي يبدو أنه غط في نوم عميق أو أنه ملّ من المراقبة ،، المحطة الثالثة (وقع شيء لم يكن بالحسبان) الغريب أننا تعلمنا طريقة فحص معينه و في هذا الإختبار علمني من يختبرني
طريقة أخرى تماماً !! وهذا تجدونه كثيرا 
إختلاف الرأي هل نفحص هكذا ام هكذا 
وفي النهاية الطالب المسكين بدلا من ان يحفظ طريقة معينه للفحص  عليه أن يعرف نوع الفحص الذي يفضله الدكتور الذي أمامه 
هذا كله لا يهم .. المهم هنا ان عذه المحطة 
تحولت من محطة إختبار الى محطة تعليم 
فالذي اختبرني هو من قام بخطوات الفحص 
كاملاً وأن أقول له ( نعم .. جيد .. ممتاز .. شكرًا .. أهاا .. يعني كذا لازم أسوي .. 
وغيرها من كلمات التسليك الطيبه
الرابعة عن الإنعاش القلبي الرئوي CPR 
وأذكر أنني دخلت وبدأت بالفحص مباشرة 
دون أن ألتفت لمن يختبرني!!
فإذا به - وكان حبيبا - لحظة يالطيب 
والحقيقة أني كنت على عجاله أريد انتهي مبكرا أما الخامسة فهي عن ( أخذ التاريخ المرضي = مسرحية ( واحد من الامتياز يمثل أنه عجوز عمره٨٠ يشتكي من ضيق في النفس ) لا شيء درامي يذكر في الإختبار 
إلا أنني عندما سألت المريض ( وين تحس الكتمة بالضبط - أسأله عن مكان العَرَض 
وعلمت لاحقا أن هذا العَرَض لا يُسأل عن مكانه- ) ما ان انتهيت من سؤالي للمريض 
الا و ينفجر المختبر الذي بجانبي ويقول
هازلاً
( والله الرجال عنده كتمه في الرجل!! 
يعني وين بتكون الكتمه!!!!؟
حافظت على أعصابي وابتسمت وقلت آسف
ولم يكن همي هذا التصحيح بتلك الطريقة الفجة لكن الذي أغضبني أن تلك المداخلة 
العمياء كادت أن تقطع حبال أفكاري المتصل
إذ تتطلب هذه المحطة أن أسأل أسئله متتابعه
ومرتبه ،، الحمدلله أنتهيت من الإختبار وبذلك
نستطيع أن نطوي صفحة الفصل الأول 
وأحاديث المستشفى لها طعم آخر ونكهة مختلفه فترقبوها ،،، 

 

- أول مقابلة -

المكان .. المستشفى المركزي بالدمام
الجناح .. الباطنية  
الغرفة .. ٤١٢ - ب
لكم أن تتخيلوا المنظر ولي أنا سأعيد وصفه كما وقع ،،
ثلاثة مرضى متمددين على الأسرة 
وانا بشحمي ولحمي أريد أن أحقق-آخذ التاريخ المرضي من صاحب السرير b -
لا ادري لماذا حضرت الى المستشفى باكرا
قبل الدوام بساعتين!!
تسمرت عند الباب عشر دقائق وأنا في نقاش
حاد مع نفسي ،،
ادخل .. ما ادخل .. أدخل .. ما أدخل 
مع كل كلمة أدخل تتقدم رجلاي ٣ خطوات الى
داخل الغرفة ومع كل كلمة (ما ادخل) تتراجع
قدماي ٣ خطوات الى الوراء 
ومما زاد هذا المشهد الغريب طرافة 
ان المرضى الثلاث حين أنتهي من خطوتي 
الثالثة في الدخول جميعهم يهب من فراشه
وينظر إلى الباب ،، وما إن أبدأ خطوة للخارج 
يعودون إلى وضعهم الطبيعي ،،

تخيلوا المشهد الان من جديد 
أتقدم .. المرضى يرمون أبصارهم إلي ويعدلون جلستهم .. أتأخر للوراء .. المرضى
يعودون الى أوضاعهم الطبيعية ،،

حتى غلبت نفسي ودخلت ... ( وليتني أستطيع أن أغلبها في كل مرة لكنني أطعتها فاستعبدتني ولو أني غلبتُ لكنتُ حرا )،،،


السلام عليكم .. (( أنا طالب طب 
ودي آخذ بعض المعلومات ممكن؟! ))

جملة قصيرة لكني كنت أقولها وأنا
مُستَعد لكافة الردود اللائقة وغير اللائقة
لأني الوقت كان مبكرا جداً والمريض يبدو
أنه كبير في السن .. ولكن حدث ما لم أكن
أتوقعه! وهكذا هي حالنا في مواقف الحياة
اما ان تتعقد فيقدر الله شيئا ويحدث شيئا 
لم يكن بالحُسبان وإما أن تسير -في نظرنا
في مسار صحيح .. ونُفاجأ بشيء لم يكن بالحسبان ،، فماذا حدث؟ وماذا كان رد المريض .. ترقبوها تباعا في ما سيأتي من
ذكريات ودعوني الآن أنتقل إلى العيادات الخارجية فعلي أن أملأ الملف الذي بيدي 
من الحالات اليومية التي يشخصها أطباء
الجراحة ،،؟


- الجراحة ،، (جزء) مفقود -

كنت ذات يوم أتأمل كلمة (جراحة) .. !
فوجدت أنها ترتبط دوما بالـ( إزالة جزء من الجسم) وبالتالي ستفقده!
يأتي مصاب في قدمه ويخرج من المستشفى 
وقد (فقدها) لسبب طبي طبعا وهذا رأيناه 
حين قال لي احد الأصدقاء انظر لهؤلاء المتجمهرين في بهو المستشفى هم ينتظرون
قريبهم الذي قرر أطباء الجراحة بقطع رجله 
بسبب الحادث الذي أصيب به ،،
ولكن (الفقد) الذي أتحدث عنه فقد من نوعٍ آخر !
إننا نكاد نفقد أعضاء القسم الذين يعلموننا!
تأتي علينا أيام في كورس الجراحة 
نبحث عن س من الأطباء فيقال لنا انه في الدور ٤ في قسم الأطفال نذهب هناك ليقال 
لنا هو في العيادات الخارجية نذهب(أو نرسل موفد الئ العيادات) ليقال له وبكل برود
(( ياخي اليوم هذا الدكتور عنده عمليات وموفاضي لكم روحوا لفلان يعطيكم 
-تيتشينق- ))
وكم من الايام التي ينتهي بحثنا عن الدكتور 
المطلوب بطلعة فطور يتم السحب فيها على
الدكتور و المعلومة التي سيمن علينا بها ،،
فعلا ما إن تبدأ كوري الجراحة الا وتشعر أنك
بدأت تلعب لعبة الكنز المفقود ،،،
أما عن قصة اختباري في الجراحة 
فقصة طريفة وقعت فيها مآسي تخللتها 
دموع !! نعم دموع تقرأونها في ما سيقبل 
من ذكريات~

- مستشفى المركزي مرة أخرى-

شكرًا يا عم (*****) ما قصرت الله يعطيك العافيه.
بهذا ختمت مقابلتي الاولى مع ذلك المريض
الذي فتح لي قلبه و صار يعلمني كيف أسأل
المرضى .. تماماً كما وقع لي في محطة 
اختبار المحطات الخمس ، حيث انعكست
الصورة فصار المريض يقول لي انتبه
إسأل هكذا و هذا السؤال صيغته خاطئه
وهذا السؤال ضعه في المقدمة وهذا أخره
ولايدري المسكين أني دقات قلبي تنبض بشدة
وأني كنت أعد لهذه اللحظة منذ ٤ سنوات
لكنني شكرته من أعماق قلبي فقد كان متعاونا وأتمنى الآن أنه في صحة وعافية 
وخير ،، آه ،، الصحة والله تاج على رؤسنا
تخيلوا كانت مدة مكثه شهر
ونحن لا نطيق أن نقضي دقائق عند الطبيب
فالحمد لله على نعمه التي لا نحصي ،،

- مبدأ ،، أسمه مرونة -

يساورني شعور أحاول أن أخفيه عن الآخرين
وهو أني أرى في هذه الدنيا من البشر 
من غلبت مثاليته على تصرفاته!!
ووالله لقد كان لي (س) من الدكاترة مثلا 
للطبيب المتميز ولكن لم تكن كلماته الرننانه
التي ربما خدعتني في المحاضرة سببا كافيا
لأحكم على تميزه،، إلا أن موقفا حدث بيني
وبينه كشف لي جانبا آخر من شخصيته !!
( يقول : غداً اللي يحضر متأخر ما يدخل وانتم لازم تحضرون حتى لو و حتى لو وحتى لو ...! طيب أنا ما أقدر لأني مشغول بكذا وهذا شغل رسمي من وزارة التعليم العالي !! 
قالي لي : خلاص عذرك مقبول بس بحط لك
غياب !! ) فسرّوها لي !
أذكركم أيضاً أنه في اليوم التالي من الوعيد والترهيب و المثاليات حصل له (للدكتور) ظرفا
منعه من الحضور !!  
فما كان منه اليوم الذي يليه إلا أن اعتذر 
وقال الجميع راح يأخذ الدرجة كامله
إلا أنني تمنيت قبل أن يعطينا الدرجة
أن يراجع نفسه قليلا !! 
ويضع في تعاملاته مبدأ مهم 
وهو مبدأ (( المرونه )) وإذا عُدم هذا المبدأ
من حياتنا صرنا مثل الجمادات ،،
إما أن نعمل وإما يعترينا الخراب فنتوقف
فجأة ,,.. !
وأكون مجحفا بحق هذا الرجل أن لم أذكر
محاسنه فله من لذيذ التجارب والمواقف 
ما لم أسمعه من أستاذ آخر ،، أسال الله لي
وله  ولكم حسن العمل وحسن الختام

- بُكاء في إختبار الجراحة -

تمهيد للذكريات ( تأخرت في إيراده مسبقا)
حصلت لنا مواقف وذكريات ودروس وعبر
ولكن بحكم دِراستنا في جو -مُختلط-
آثرت - لحاجة في نفسي- أن أنقل مواقفي ذاكرا الشخصيات ب صيغة المذكر لا المؤنث ،،
وأسأل الله أن يصلحنا ويقينا سبل الشيطان
ويبعد عنا الفتن ..،، فتن المستشفى التي 
يعرفها من عاش فيها ( طالبا/طبيبا/مريضا/ ممرضا .. )

---
اللهم يَسر لي حالة مرضية سهلة ويسر لي مريضا متعاوناً اللهم اجعلها (دودة زائدة أو سرطان في البنكرياس أو غدة متضخمة 
اللهم أبعد عني الIBD و بلاويا أخرى لا يستساغ كتابتها هنا ) ،،،

هذا دعاء كنت أقوله قبل إختبار الجراحة
والحمدلله أن اختياري للحالة كان ميسراً
لان الطريقة التي نبدأ بها بالإختبار كالاتي

تأتي وتسحب ورقه مكتوب عليها رقم السرير
وتذهب الى السرير وتجري -تحقيق- مع المريض وتأخذ حالته المرضية وتفحص المنطقة 
التي يشتكي منها ثم يعرض كل طالب التاريخ المرضي على ٢ من دكاترة القسم عن هذه الحاله و البهدلة في الإختبار انك لا تعرف
التشخيص ولا تعرف من سيختبرك مسبقا
فتبدأ باكتشاف العالم من حولك ،، 

هذه طريقة نموذجية 
والطريقة المتبعة تتجاوز ذلك بكثير
إذ إن الحالة التي تمر عليها تعرفها قبل الدخول بل تقرأ عنها اذا كان حولك 
كتب و مصادر و تتلقى مساعدة 
لا بأس بها من أطباء الامتيازالمناوبين
في ذلك الصباح ..  

عندما سألت المريض وكان يعاني
من اصفرار في الوجه وحكة في الجلد 
والم في الظهر والبطن وكان تشخيصه
(سرطان في البنكرياس
سألته عن وضعه الإجتماعي والمعيشي
بدأ يبكي ! أنا يبغى روح بلد كفيل مافي كويس ،، 
لا لا ليس هذا وقت البكاء (الله يرحم امك )!!
كنت في حيرة من أمري 
فإما أن أشاركه البكاء و أهون عليهوأتمثل 
معاني الإنسانية... والنتيجة أني أضيع 
الوقت المسموح به لأخذ التاريخ المرضي 
وهو ساعة كاملة 
أو
أتجرد من الإنسانية و أكمل الأسئلة
صحيح هو له مشاعر لكني أيضاً لي مشاعر !
قربت له المناديل ليجفف دموعه 
وأكملت الأسئلة والحمدلله كان تقديمي للحالة
تقديما طيبا ( كلمة طيب كلمه عائمة لا ميزان لها موحدا عند كل الناس وهذه من آفاتنا حين
نستشير أو نستشار عن موضوع فنلقي كلمة
حمالة أوجه ) ،،، مع هذه الفلسفة أقول 
إن الاختبار كان طيبا جداً

( لاحظوا كلمة جداً ) ههههه 


- رَحمه الله -

فقدت جزءا من نفسي لم أتصور كيف سأكمل
حياتي بعده ،، إنه الأخ (أنس الصائغ) رحمه
الله توفي في أول أسبوع من الإجازة ،،
تحدث عنه الكثير ولم يكن حديثهم يثير عاطفتي ،، بل كان الذي يثيرها (أنهم كانوا يذكرونه بخير ،،، ) آه ،، كم تمنيت وقتئذ 
أن اكون أنا الذي توفي ..
حسبي وأملي أنك انتقلت إلى رب رحيم
ولقد علمت من أحواله و أعماله الخاصة
خيرا كثيرا لم أكن أعلمه من قبل ،،

قد كنت أؤثر أن تقولَ رثائي
يا منصف الموتى من الأحياء ،،

(أنس) .. 
نموذج ولد بار ، أعمال خفيه ، ابتسامه مشرقه 
وحسبي ذلك الكتاب الذي أهداني إياه
(ليدبروا آياته) .. 

رحمك الله وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة

وأخفض الزفرات وهي صواعد
وأكفكف العبرات وهي جوار
جاورت أعدائي وجاور ربه
شتان بين جواره وجواري ،،

الرفقة الصالحة أوصيكم بالتشبث بها
وإنها لتمر علي لحظات لا أتصور حياتي
بدون تلك الرفقة ،، إنها شيء أتنفسه
فهل علمتم رجلا يعيش بلا أوكسجين!!؟


---------------------

كان في البال الكثير والمثير من التجارب الجديدة مع عمادة شؤون الطلاب و منتدى القراء لعلي أجد لها مساحة أخرى
 لكن ضاق الوقت علي وزاحمت عقلي أعمال كثيرة ، كدت أن أنسى معها هذه الذكريات ، ولكن الله وفق 
وأعان وهو المستعان ، ولعلي أكتب عن 
المؤتمر العلمي الثالث الذي كان حدثا مهما
في سنة رابعه ( ترقبوه)

صالح السعيد
السبت
٧-١٠-١٤٣٣ هـ
الدمام


ان الذي يكتب هذه الذكريات ليس واحدا
بل كثير في واحد
علي الطنطاوي


التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية