لحظات تنساها .. ولا تنساك
ترتسم البسمة على وجوه أبناء حارته القديمة
ففي نهاية كل أسبوع يحين موعد المفاجأة
فمرة يفاجئهم بألعاب وأخرى بملابس جديدة وأهم من ذلك أنه يمنحهم
فمرة يفاجئهم بألعاب وأخرى بملابس جديدة وأهم من ذلك أنه يمنحهم
شيئا كبيرا من
مشاعره
ويجعل أصوات ضحكاتهم تزاحم زقزقات العصافير في
كبد السماء ~
استند ذات مساء على ساق شجرة ضخمه
استند ذات مساء على ساق شجرة ضخمه
بعد أن أنهكه طول المسير
وغط في نوم عميق عجز ضياء القمر أن يخترقه أو يصل إلى أعماقه ~
••
••
لم يكن مسكنه المتواضع .. وثيابه البالية
محط تساؤل واستغراب من أطفال الحارة
الأطفال لاتهمهم كيف من أين تأتيهم الفرحة
ولا عن حال من أهداهم الهدية ..
بل يعيشون لحظاتهم الحاضرة بكل تفاصيلها
••
لا يعرف عن حاله إلا شيخ كبير يسكن جوار المسجد
إنه رجل ميسور الحال يحاول جهده ليسد رمق حياته
ورمق الآخرين ..
وكان يكاد مكثه في المسجد أكثر من أي مكان آخر
كان بالإضافة إلى إحسانه للناس محسنا إلى ربه
وهكذا تبدو صورة الإحسان في أسمى معانيها
فصدقة الغني على الفقير واجبة عليه
أما صدقة الفقير على الفقير وهو بحاجة إليها
فهي منزلة من منازل العطاء لا يصل إليها إلا القليل من
الناس
••
ذات صباح ممطر يطرق بابه طارق
للوهلة الأولى ظن أنه من المحتاجين فاستعمرت
جيوش الهم قلبه وعاتبته نفسه قبل أن يعاتبها
ولم يكن ذاك من خوف على ماله بل من حسرة
على تقصيره في خدمة المحتاجين من حارته
تقصيرا دعاهم إلى البحث عن مكانه
فهو يعلم أن الأرض المجدبة لا تتحرك نحو الغيوم
بل الغيوم التي تتحرك نحوها وتسقيها المطر حتى
ترتوي .. ثم تتعاهد في كل موسم وهكذا
ينبغي أن يكون ~
•••
أدخله إلى منزله وأحاطه برعايته فما لبث هنيهة حتى
تكلم العجوز وقال :
أتمنى أن لا أكون مخطئا فهل أنت فلان ابن فلان؟
أجابه بنعم.
- وأثار سؤال السائل أسئلة في عقله ! -
أكمل العجوز :
لو تعلم كيف كان أبوك رحمه الله في
عطائه و سعيه للخير بل في عبادته ..
لقد أخبرني ذات يوم أنه
ما ترك تكبيرة الإحرام منذ عشرين سنة وهو نفسه
الذي كان يضحي في جزء كبير من ماله ووقته للآخرين
والآن يا ولدي حان وقت رد الجميل لوالدك ولو بعد موته فهذه المبالغ التي
جئت بها
أوصاني بهـا خلق ممن كانوا في حاجة فأغناهم الله -وكان أبوك
سببا في ذلك - ولا تظن
بذلك صدقة عليك بل هي حق من حقوقك
ووديعة نردها إليك ربما نسيتها أيام صغرك
لكنها لم تنساك ~
•••
لم يكن للدموع بعد أن ملأت محجر عينيه مكان
ففاضت على خديه وكأنها تجسد صورة أخرى
من صور العطاء .. فالدموع الصادقة لا تفيض
لأي سبب ..
أدرك الآن أن (اللحظات) التي عاشها والده في خدمة الآخرين (لم تنس )
أن تعود
يوما على ولده بالخيرالكثير
اللحظات التي تصنعها في حياتك و ينسيك إيها مرور الزمن
لا يمكن أن تنساك بل تعود إليك وأجمل من عودتها
أنها تأتي مفاجأة لك وإكراما لجهدك وإخلاصك
لحظات العبادة والقرب من الخالق وقت الرخاء
تمضي بك الأيام وتنساها ثم يأتي عليك وقت الشدة
فتأتيك تنير لك الطريق ..
لحظات الإحسان إلى الآخرين والوقوف معهم التي تنساها
سيأتي اليوم الذي تتذكرك وتأتي بمن يحسن إليك
كل لحظة من لحظات الحياة تحمل خيرا أو شرا
تنساها مع مرور الأيام والليالي
يأتيك يوم لا تنساك فيه فتراها ماثلة أمام ناظريك
فأكثر من اللحظات التي تتمنى أن تعود لك يوما ما
صالح السعيد
فأكثر من اللحظات التي تتمنى أن تعود لك يوما ما
صالح السعيد
8/11/1434 هـ
التسميات: تدوينة الشهر
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية